جنون قطر أم سقوط قناع النظام؟

جنون قطر أم سقوط قناع النظام؟
من عادات الناس الوقوف لحظة أمام المرآة لتفقد مظهرهم قبل الخروج إلى مسرح التمثيل أو إعتلاء المنصة لمخاطبة الناس. لآن الوقوف امام المرآة و التثبت من المظهر يزيد الثقة بالنفس ويكون له تأثير إجابي على المشاهد أو المستمع. اما الخروج على المسرح بمظهر غير لائق لتمثيل مسرحية مألوفة يسخر منها المشاهد هو دليل على الإفلاس والغوغائية العقيمة. بتأريخ 28 نوفمبر 2019 أصدر نظام إسياس أفورقي الديكتاتوري تصريح صحفي عبر بوقه و وزارة إعلامه، يتهم فيه قطر بدعم قوى المعارضة الإرترية و التخطيط لقتل مسئولين كبار في النظام. البيان الذي صدر تحت عنوان ” جنون قطر و خطة معركة 2019″ لخص مزاعم النظام في عشرة نقاط. النظام الذي لا يعلم مدى قبح هيئته أمام مرآة الشعب، يطل علينا كل صباح ببيان جديد يدين فيه ويلفق الأكاذيب لصديق الأمس، هو ليس بجديد على الشعب الإرتري . نظام الديكتاتور إسياس أفورقي الإنعزالي قام بعزل البلاد عن العالم في الوقت الذي تتعاون فيه الدول و تعمل بالشراكة فيما بينها لتنمية إقتصاداتها و تحسين الأوضاع المعيشية لشعوبها. هناك نقطة مهمة في البيان لفتت إنتباهي وهي أن قوى المعارضة الأرترية تتلقى الدعم من الحكومة القطرية و بأنها نظمت صفوفها لضرب النظام الديكتاتوري. بغض النظر عن صحة و حقيقة هذه الأكاذيب، سيكون من الإنصاف إذا تخلت دولة بحجم إقتصاد قطر عن دعم نظام جائر يقتل شعبه لتقف إلى جانب الشعب الذي وقع عليه الظلم. مثل هذه التصريحات الغوغائية لا تمر على الشعب الإرتري الذي يعلم تماما حقيقة و تأريخ علاقة هذا النظام بدولة قطر التي كانت أكبر داعم له حتى وقت قريب. ولهذا يجب علينا التسائل:- أين المشكلة لو قامت قطر بدعم المعارضة والوقوف إلى جانبها من أجل الدفاع عن حقوق الشعب التي إنتهكها النظام الديكتاتوري في هذه المرحلة؟ وأين خطط الحرب القطرية العجيبة في دعم قطر بتقديم وثائق مكتوبة ومرئية كأدلة تؤكد وقوع تلك الإنتهاكات؟ هذا البيان الذي يتعارض مع الواقع كان القصد منه تشتيت أنظارالشعب بعيدا عن تصاعد حراك قوى المعارضة من الداخل. تعتبر قطر الدولة الوحيدة التي وقفت إلى جانب النظام منذُ الإستقلال حتى وقت قريب. على سبيل المثال كانت قطر من الدول الأوائل التي إعترفت بإستقلال إرتريا و أسست علاقات دبلوماسية على الفور. كما وقفت إلى جانب النظام في الحرب الحدودية الأخيرة مع إثيوبيا حتى أخر لحظة. و رغم أن علاقات النظامين بنيت على أساس غامض و لم تربطهما أي مصالح إستراتيجية أو غيرها من المصالح المشتركة، إلا أنها كانت متميزة منذ البداية. و أخيراً كانت نهاية هذه العلاقة التي كانت تفتقر إلى الأرضية المشتركة، مثل بدايتها، بدأت بغموض و إنتهت بغموض أخر! قطر هي إحدى دول الخليج العربي، لها إقتصاد ضخم رغم صغر حجمها و قلة عدد سكانها. بعد تحرير كامل التراب الإرتري سعت قطر إلى بناء علاقات متميزة خارج الأعراف و التقاليد الدبلوماسية ودعمت نظام إسياس أفورقي بسخاء مستمر في كافة المجالات والتي تمثلت في البنية التحتية، التدريب المهني و المنح الدراسية ، الإعلام، السياحة، التجارة، الثروة السمكية و الحيوانية ، الصحة، و العلاقات الخارجية. وإن الإتفاقيات التي كانت تبرم بين البلدين كان الهدف منها الحفاظ على روح النظام المتهالكة وعندما تنفس قليلاً و رأى جيوب متخمة بالمال، كسر صحن قطر الذي أكل فيه و إنحاز إلى جانب السعودية و الإمارات ثم بدأ ينبح.. إن العلاقات التي كان يقيمها مع الدول والسياسات التنموية التى كان ينفذها، كانت كلها ذات طابع قصير الأمد، أوجدت لخدمة مصالح أنية فقط. هذا ما نراه اليوم من الواقع المتردي الذي تعيشه إرتريا في هذه المرحلة.عندما نشأ الخلاف بين دول التحالف الخليجي الذي يضم إريتريا عام 2014، تشكل محور يضم السعودية الإمارات، البحرين ونظام مصر ضد دولة قطر وفرقت المصالح الصدقين ليكونا في خطين نقيضين. الديكتاتور إسياس أفورقي كعادته كسر صحن صديقه أمير قطر و إختار الوقوف مع من سيدفع أكثر وهو المحور المعادي لقطر. النظام الديكتاتوري الذي لم يكتفي ببيع الأراضي الإرترية بل صار عميلاً في منطقة القرن الأفريقي يخدم المصالح السعودية و الإماراتية. هذا النظام الذي أفرغ إرتريا من شبابها وطمس الهوية الدينية والثقافية لشعبها و الذي لم يفرق في جرائمه بين طفل بريئٍ و شيخ طاعن في السن، إنكشفت أفعاله وتعرت جرائمه. فنراه اليوم و قد خرج علينا ليأدي دوره محاولاً تغطية النشاطات الهدامة التي يقوم بها أسياده الجدد في القرن الأفريقي وذلك بتلفيق التهم وتزوير الحقائق ضد خصمهم قطر. إذا كانت لدى قوى المعارضة الإرترية دعم من قطر أو غيرها مثل الدعم الذي كان يتلقاه النظام من الحكومة القطرية لما كان هذا النظام باقياً حتى اليوم في السلطة. وإن إتهام المعارضة والحكومة القطرية بالتخطيط لقتل مسئولين كبار في النظام هو إتهام باطل يهدف إلى التغطية على جرائم الإغتيالات والمكائد التي ينفذها إسياس أفورقي في حق أعوانه من الجنرالات ، وهذا يبين لنا مدى إفلاس النظام الفاشي في إرتريا. محاولات الخداع والتحايل على الشعب ولى زمانها، ولاخيار أمام النظام في هذه المرحلة إلاُ التنازل عن السلطة لفتح الأبواب للتغيير السياسي الوشيك. الأن تلوح في الأفق تباشير التغيير،بعد أن بدأت هجرة الشباب تنعكس صوب الوطن وليس هناك من سبيل لزمرة إسياس أفورقي إلاَ الوقوف أمام الشعب الإرتري و الإتعزار له. كما يجدر بالنظام أن يعمل على إخراج الشعب من السجن المظلم الذي وضع فيه منذ مايقرب الثلاثين عاما بدلاً من الإنكار بوجود المعارضة تارةً وكيل الإتهامات لها بأنها تنظيمات جهادية يدعمها السودان تارةً أخرى و إطلاق تصريحات متناقضة.
شفا م/نور
You must be logged in to post a comment.