تدعيات حرب  تجراي وتدخلات القوى الخارجية

تدعيات حرب  تجراي وتدخلات القوى الخارجية .

مضى نصف عام على بدء الحرب في إقليم تقراي بين قوات حكومة اقليم تجراي وجيش الحكومة الفدرالية الاثيوبية. هذه الحرب التي راح ضحيتها الالاف من الإثيوبين من كلا الطرفين، و أرتكب فيها أبشع الجرائم ضد  الانسانية كالإعدامات خارج القانون  و تقطيع أجساد الأطفال وإغتصاب الفتيات والأمهات  التي هزت الضمير الانساني الحي في العالم. بعد بضعة أيام من بدء آلحرب ودخول القوات الفدرالية إلى مقلي، عاصمة اقليم تجراي، ألقى رئيس الوزراء الإثيوبي ابي احمد خطاباً أمام برلمان بلاده: قال فيه  بان الحرب وضعت اوزارها بهزيمة تنظيم الجبهة الشعبية لتحرير تقراي  ولكن كما تبدوا الأمور بان  انسحاب قوات اقليم تجراي من المدن الرئيسية في ذلك الوقت كان تكتيكاً استراتيجيياً تم من خلاله تغيير الخطة العسكرية في الحرب و منذ ذلك الخطاب و حتى يومنا هذه كل الدلائل تؤكد بأن الحرب لازالت مستمرة و أشد ضراوة وبشاعة منذ قبل مما لفت إنتباه المجتمع الدولي الذي سارع بالتعبيرعن قلقه إزاء انتهاكات حقوق الإنسان والدمار الهائل الذي ستسببه هذه الحرب على حياة الإنسان والبنية التحتية في إقليم تجراي وما سينتج عنه  من الإنعكاسات السلبية على شعوب منطقة القرن الافريقي. وبالفعل دفعت الأثار السلبية لهذه الحرب بعض دول المنطقة لأنتعيد حساباتها وفق مصالحها الاستراتيجية. ومن أول مضاعفات هذه الحرب كان تدخل النظام الإرتري بصورة تلقائية ومباشرة بالتأمر مع حكومة ابي احمد مما زاد الطينة بلة فبالإضافة إلى معنات شعب تقراي إزدادت معاناة الشعب الإرتري مع هذا التدخل ،  حيث تم إرسال الشباب الارتري إلى محرقة هذه الحرب في تجراي لتحقيق أهداف قيادات تعاني من أمراض جنون العظمة ونيل الثأر من قادة  إقليم تقراي. الحقد الأسود الدفين  الذي يكنه ديكتاتور إريتريا لحكام  تقراي  يمارسه من خلال أعماله القذرة التي ينفذها تحت ستار وغطاء إعلامي محكم. كذلك هناك بعض الدول المجاورة لاثيوبيا كالسودان، رأت في إنشغال الحكومة الإثيوبية بحربها في تقراي تمثل فرصة ذهبية يجب إغتنامها لإستعادة أراضيها التي كانت تحتلها إثيوبيا. هناك  أيضاً مصر التي تحاول الإستفادة من الوضع الراهن في إثيوبيا بالضغط على كافة الأصعدة  من أجل تحسين وضعها في مفاوضات سد النهضة وذلك بالتلميح بإستخدام كل الخيارات المفتوحة أمامها إذا لم ترضخ إثيوبيا لشروطها.

إن ظروف هذه الحرب خلقت أزمة داخلية لإثيوبيا وتجاذبات مختلفة مع دول الجوار. كما أوجدت تعاطف المجتمع الدولي مع معناة شعب تقراي فكل وفق  مصالحه بدأ يؤثر سلبيا على وحدة النسيج الاجتماعي للشعب الاثيوبي ككيان موحد.   مع طول أمد الأزمة التي تمر بها إثيوبيا يبدو الشعب وتنظيماته السياسية  بدء يفهم المخاطر التي تحدق بوحدة بلادها بعد ظهور البوادر بأن تفتيت إثيوبيا إلى  دويلات صغيرة أصبح قاب قوسيني أوأدنى فبدأت ثقة الشعب الإثيوبي في أداء الحكومة تتلاشى فالكل يحاول التبرء والتملص من تبعات أفعال حكومة أبي أحمدالصبيانية كبراءة الذئب من دم يوسف. 

هذا التململ والتملص من تأييد أداء حكومة أبي أحمد وتحمل تبعات أفعالها أصبح اليوم ظواهر يومية في الأقاليم الإثيوبية. فخروج الشعب في إقليم الأمهرا للتنديد بدور أبي أحمد الشخصي وفشل حكومته في  إدارة شؤن البلاد يعتبر ناقوس الخطر وعلامة زوال حكمه لأن إقليم الأمهرا يعتبر الشريك الرئيسي في الحرب على إقليم تقراي.

  إن دولة إثيوبيا التي تقف اليوم على حافة الإنهيار التام تعتبر حليف استراتجي مهم للغرب في منطقة القرن الإفريقي لذا من الطبيعي أن تحس امريكا بنامقوس الخطر الذي يدقى حول حليفتها او بالأحرى مستعمرتها الغير مباشرة وتأبى أن تراها تتهاوى وتتفتت إلى دويلات صغيرة مجهولة الولاء لأمريكا. لهذا نرى جولات مكوكية للوفود الأمريكية إلى المنطقة منذ فوزالرئيس بايدن في الولايات المتحدة. و زيارة المبعوث الأمريكي الخاص لمنطقة القرن الأفريقي جيفري فيلتمان في بداية هذا الشهر كانت أخر هذه الجولات الأمريكية. وتسعى الولايات المتحدة من خلال هذه الزيارات المنواترة تدارك الوضع المتأزم في إثيوبيا.  وإن لم يتضح بعد بنود وملامح الحلول السحرية الأمريكية بشكل جلي  إلآ أن هناك  سيناريوهات محتملة أولها إقاف الحرب وتضميد الجروح ومعالجة الوضع الإنساني في البلاد. وهذه بكل تأكيد مهمة صعبة في بلد شهد حرب مدمرة ذات طابع عرقي ارتكبت فيها جرائم عديدة ضد الإنسانية. لكن في كل الأحوال من سيكون كبش فداء ويدفع ثمن هذه الأزمات في المقام الأول هو أبي احمد وربما حليفه وشريكه الريئسي دبكتاتور إريتريا إسياس أفورقي، صانع الحروب في المنطقة وهذا إذا ما استغنت عنه الدول التي ساهمت في إستمراره منذو البداية .

 اما حكومة اقليم التجراي لم تكن لقمة سهلة كما خطط لها أعدائها فصمودها أمام كل التحديات وفرض  نفسها  كأمر  واقع أثبتت جدارتها كقوة تغيير داخلي يتوجب التعامل معها. في الخلاصة يمكننا القول بأن مشروع ابي احمد وصديقه الحميم  افورقي قد باء بالفشل وسوف نرى قريباً تحولات جديدة في المنطقة و أن كل من لا يملك قراره لابد له ان يصبح كبش فداء وفق ما تقتديه مصالح الآخرين. 

ابو يارت

 ٩/٥/٢٠٢١

Leave a Reply

Please log in using one of these methods to post your comment:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.